كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال المجد ابن تيمية‏:‏ ليلة نصف شعبان روي في فضلها من الأخبار والآثار ما يقتضي أنها مفضلة ومن السلف من خصها بالصلاة فيها وصوم شعبان جاءت فيه أخبار صحيحة أما صوم يوم نصفه مفرداً فلا اصل له بل يكره قال وكذا اتخاذه موسماً تصنع فيه الأطعمة والحلوى وتظهر فيه الزينة وهو من المواسم المحدثة المبتدعة التي لا أصل لها اهـ‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الصوم ‏(‏ه‏)‏ في الصلاة من حديث الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كبير عن عروة ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال لا يعرف إلا من حديث الحجاج وسمعت محمداً يعني البخاري يضعف هذا الحديث وقال يحيى لم يسمع من عروة والحجاج لم يسمع من يحيى اهـ قال الدارقطني إسناده مضطرب غير ثابت وقال الزين العراقي ضعفه البخاري بالانقطاع في موضعين قال ولا يصح شيء من طرق هذا الحديث قال ابن دحية رحمه اللّه لم يصح في ليلة نصف شعبان شيء ولا نطق بالصلاة فيها ذو صدق من الرواة وما أحدثه إلا متلاعب بالشريعة المحمدية راغب في زي المجوسية اهـ‏.‏

1943 - ‏(‏إن اللّه تعالى ينزل على أهل هذا المسجد‏)‏ أي ‏(‏مسجد مكة‏)‏ وفي رواية ينزل على هذا البيت‏.‏ قال الطبري‏:‏ ولا تضاد بين الروايتين فقد يراد بمسجد مكة البيت ويطلق عليه مسجد بدليل ‏{‏فول وجهك شطر المسجد الحرام‏}‏ أو أراد بالتنزيل على البيت التنزيل على أهل المسجد اهـ‏.‏ وقوله مسجد مكة يحتمل كونه تفسيراً من راويه أدرجه ويحتمل أنه من المرفوع قيل ويصدق على ما هو عليه اليوم من السعة والزيادة ‏(‏في كل يوم وليلة عشرين ومئة رحمة ستين‏)‏ منها ‏(‏للطائفين‏)‏ بالبيت ‏(‏وأربعين للمصلين‏)‏ بالمسجد ‏(‏وعشرين للناظرين‏)‏ إلى الكعبة وفي رواية للطبراني في الكبير عن ابن عباس أيضاً مرفوعاً ستون منها للطائفين وأربعون للعاكفين حول البيت وعشرون منها للناظرين للبيت وفي ‏[‏ص 318‏]‏ رواية للبيهقي في الشعب عنه أيضاً ينزل اللّه كل يوم مئة رحمة ستين منها للطائفين بالبيت وعشرين على أهل مكة وعشرين على سائر الناس قال في الإتحاف‏:‏ والأحاديث في ظاهرها تخالف ويحتمل أنه أراد بالعاكفين المصلين فلا تخالف وأما حديث المئة ففيه إثبات عشرين لأهل مكة وعشرين للناس وهو لا ينافي الخبرين قبله إذ فيه إثبات ستين للطائفين ولا تعرض فيه لعاكف ولا مصل ولا ناظر ويحتمل أن للطائف أربعين وللمصلي أربعين ويكون كل حديث على ظاهره ولا يلزم من عدم التعرض لذكره في الحديث الآخر أنه ليس له شيء كما لا يلزم من عكسه العكس وليس في الحديث صيغة حصر فتكون الرحمات النازلة مئة وستين وهذا أقرب والقسمة على كل فريق على قدر العمل لا على مسماه على الأظهر اهـ وقال المحب الطبري‏:‏ في القسمة وجهان الأول على المسمى بالسوية لا على العمل قلة وكثرة وما زاد على المسمى فله ثواب من غير هذا الوجه الثاني قسمتها على العمل لأن الحديث ورد في سياق الحث والتحضيض فلا يستوي فيه عامل الأقل والأكثر ولأن الرحمات متنوعة بعضها أعلا من بعض فرحمة يعبر بها عن المغفرة وأخرى عن العصمة وأخرى عن الرضى وأخرى عن القرب وأخرى عن تبوء مقعد صدق وأخرى عن النجاة من النار إلى غير نهاية إذ لا معنى للرحمة إلا العطف فتارة يكون بنعمة وتارة بدفع نقمة وكلاهما ينوع إلى غير نهاية ومع ذلك يفرض التساوي بين مقل ومكثر ومخلص وغيره وحاضر القلب وساه وخاشع وغيره فالأرجح أن ينال كل بقدر عمله ما يناسبه من الأنواع قال ويحتمل أن يحصل لكل طائف ستون ويكون العدد بحسب عمله في ترتيب أعلى الرحمات وأوسطها وأدناها ويحتمل أن جميع الستين بين كل الطائفتين والأربعين بين المصلين والعشرين بين الناظرين وتكون القسمة على حسب أحوالهم في العدد والوصف حتى يشترك الجم الغفير في الرحمة الواحدة وينفرد الواحد برحمات وفي الحديث فضل الطواف على الصلاة والصلاة على النظر إذا تساووا في الوصف فيخص به عموم خبر واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة والصلاة خير موضوع وخرج بقوله إذا تساووا في الوصف ما لو اختلف وصف المتعبدين فكان الطائف ساهياً غافلاً والمصلي أو الناظر خاشعاً فالخاشع أفضل وقال كثير في توجيه الحديث إن المئة وعشرين قسمت ستة أجزاء فجعل جزء للناظرين وجزآن للمصلين لأن المصلي ناظر غالباً والطائف لما اشتمل على النظر وصلاة ركعتيه كان له ثلاثة أجزاء وفيه نظر لأن الطائف الأعمى وكذا المصلي لهما ما ثبت لهما وإن لم ينظرا وكذا لو تعمد ترك النظر فيهما لا ينقص حظه وأما النظر في الطواف فإن لم يقترن بقصد تعبد فلا أثر له وإن قصده نال به أجر الناظرين زائداً على أجر الطواف‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الخطيب في التاريخ والبيهقي في الشعب ‏(‏والحاكم في الكنى‏)‏ أي في كتاب الكنى ‏(‏وابن عساكر‏)‏ في التاريخ كلهم ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه فإنه أورده في ترجمة عبد الرحمن بن السفر من حديثه ونقل عن ابن منده أنه متروك وتبعه الذهبي وقال ابن الجوزي حديث لا يصح ففيه من طريق يوسف بن السفر تفرد به وهو كما قال الدارقطني والنسائي متروك وقال الدارقطني يكذب وابن حبان لا يحل الاحتجاج به وقال يحيى ليس بشيء انتهى ومنه أخذ الهيثمي قوله بعد ما عزاه للطبراني فيه يوسف بن السفر وهو متروك‏.‏

1944 - ‏(‏إن اللّه تعالى ينزل المعونة على قدر المؤونة‏)‏ وشاهده ما في الكتب القديمة أخرج البيهقي أوحى اللّه إلى داود عليه الصلاة والسلام يا داود اصبر على المؤونة تأتيك المعونة ‏(‏وينزل الصبر‏)‏ أي حبس النفس على المكاره ‏(‏على قدر البلاء‏)‏ لأن صفة العبد الجزع والصبر لا يكون إلا باللّه فمن عظمت مصيبته أفيض عليه الصبر بقدرها وإلا لهلك هلعاً‏.‏

- ‏(‏عد وابن لال‏)‏ أبو بكر في مكارم الأخلاق وكذا البيهقي في الشعب وكأن المؤلف أغفله ذهولاً كلهم ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفيه عبد الرحيم بن وافد أورده الذهبي في الضعفاء وقال ضعفه الخطيب عن وهب بن وهب قال أحمد وغيره ‏[‏ص 319‏]‏ كذاب لكن يأتي ما يقويه بعض قوة‏.‏

1945 - ‏(‏إن اللّه ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم‏)‏ لأن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه والعظمة حقيقة إنما هي للّه وحده ولا يعارضه خبر أفلح وأبيه إن صدق لأن تلك كلمة جرت على لسانهم للتأكيد لا للقسم فيكره الحلف بغير اللّه تنزيهاً عند الشافعية وعلى الأشهر عند المالكية وتحريماً عند الظاهرية وعلى الأشهر عند الحنابلة قال في المطامح‏:‏ وتخصيص الآباء خرج على مقتضى العادة وإلا فحقيقة النهي عامة في كل معظم غير اللّه وظاهر إضافة النهي إلى اللّه تعالى أنه تلقاه عنه لا دخل للاجتهاد فيه‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ في الأيمان والنذور ‏(‏4 عن عمر‏)‏ بن الخطاب رضي اللّه عنه قال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أدرك عمر وهو يحلف بأبيه فذكره‏.‏

1946 - ‏(‏إن اللّه يوصيكم بأمهاتكم‏)‏ أي من النسب قاله ‏(‏ثلاثاً‏)‏ أي كرّر اللّه الوصية بهم ثلاث مرات لمزيد التأكيد-وسبب تقدم الأم في البر كثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها وحصول المشاق من حمله ثم وضعه ثم إرضاعه ثم تربيته وخدمته ومعالجة أوساخه وتمريضه وغير ذلك- ثم قال في الرابعة ‏(‏إن اللّه يوصيكم بآبائكم‏)‏ من النسب وإن علو قاله ‏(‏مرتين‏)‏ إشارة إلى تأكده لما لهم من التربية والنصرة وأن ذلك التأكد دون تأكد حق الأمهات لتعبهنّ وخدمتهن ومقاساة المشاق في الحمل والوضع والرضاع والتربية ثم قال ‏(‏إن اللّه يوصيكم بالأقرب فالأقرب‏)‏ من النسب قال ذلك مرة واحدة إشارة إلى أن حقهنّ وإن كان متأكداً فهو دون تأكد حق الأبوين وكرر الفعل مع المؤكد حثاً على الاهتمام بالوصية ولم ينص في الأخيرة على عدد لفهمه مما قبله قال الشافعية فيقدم في البر الأمّ فالأب فالأولاد فالأجداد فالجدات فالإخوة والأخوات ويقدم من أدلى بأبوين على من أدلى بواحد ثم تقدم القرابة من ذوي الرحم وتقدم منهم المحارم على غير المحارم ثم سائر العصبات ثم المصاهرة ثم الولاء ثم الجوار وهذا الترتيب حيث لا يمكن إيصال البر دفعة واحدة كما مر وإنما قدم الولد الصغير في النفقة لأن مبنى التقديم فيها على الأحوجية مع الأقربية بدليل عدم دخول حجب النقصان فيه مع وجود الأبوين‏.‏

- ‏(‏خد ه طب ك عن المقدام‏)‏ بن معد يكرب وفيه إسماعيل بن عياش قال الحاكم إنما نقم عليه سوء الحظ فقط وقال الهيثمي هو ضعيف قال ابن حجر وأخرجه البيهقي بإسناد حسن‏.‏

1947 - ‏(‏إن اللّه يوصيكم بالنساء خيراً-أي بأن تحسنوا إليهن بإحسان معاشرتهن وتوفوهن ما يجب لهن-‏)‏ كرره ثلاثاً ووجهه بقوله ‏(‏فإنهن أمهاتكم‏)‏ أي منهن أمهاتكم وكذا ما بعده ‏(‏وبناتكم وخالاتكم‏)‏ اقتصر عليه إشارة إلى أن جهة الأم آكد وإن شاركتهنّ العمات في أصل الوصية ‏(‏إن الرجل من أهل الكتاب‏)‏ التوراة والإنجيل يعني من اليهود والنصارى ‏(‏يتزوج امرأة وما تعلق-تعلق بفتح المثناة الفوقية وضم اللام أي لا يكون في يدها شيء من الدنيا حتى يموتا كما في رواية، يعني أهل الكتاب يتزوج أحدهم المرأة الفقيرة جداً فيصبر عليها ولا يفارقها إلا بالموت فافعلوا ذلك ندباً إلا لعذر كأن كانت سيئة الخلق فلا تكره المفارقة- يداها الخيط‏)‏ كناية عن شدة فقرها بحيث لا تملك حتى ما لا قيمة له كالخيط والقصد به المبالغة ‏(‏فما يرغب واحد منهما عن صاحبه‏)‏-‏[‏فعلينا التخلق بمكارم الأخلاق حيثما وجدت، وما وجد عند أهل الكتاب منها، فنحن أولى به‏.‏ ولا يخفى أن أهل الكتاب اليوم قد تزايد فيهم الطلاق والزنى، مع أن الإخلاص الموصوف في هذا الحديث لا يزال يوجد في بعضهم‏.‏ دار الحديث‏]‏- حتى ‏[‏ص 320‏]‏ يموت كما في رواية إن أهل الكتاب يتدينون بذلك يتزوج الواحد منهم المرأة من صغرها وقلة رفقها فيصبر عليها ولا يفارقها إلا بالموت فأراد حث أصحابه على الوصية بالنساء والصبر عليهن كذا في النهاية‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ من حديث يحيى بن جابر ‏(‏عن المقدام‏)‏ بن معد يكرب قال إن رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم قام في الناس فحمد اللّه وأثنى عليه ثم ذكره قال الهيثمي رجاله ثقات إلا أن يحيى لم يسمع من المقدام ورواه عنه أيضاً أحمد وأبو يعلى فاقتصار المصنف على الطبراني غير حميد‏.‏

1948 - ‏(‏إن الإبل‏)‏ بنوعيها عراباً وبخاتى ‏(‏خلقت من الشياطين وإن وراء كل بعير شيطاناً‏)‏ قال ابن جرير‏:‏ معناه أنها خلقت من طباع الشياطين وأن البعير إذا نفر كان نفاره من شيطان يعدو خلفه فينفره ألا ترى إلى هيئتها وعينها إذا نفرت‏؟‏ انتهى-إذا أدركتم ركوباً فسموا اللّه، فإن التسمية تطرد ذلك الشيطان‏.‏ اهـ- وقال الزمخشري عن الجاحظ‏:‏ زعم بعضهم أن الإبل فيها عرق من سفاد الجن بهذا الحديث وغلطوا وإنما ذلك لأن للشيطان فيها متسعاً حيث سبقت أولاً إلى إغراء المالكين على إخلالهم بشكر النعمة العظيمة فيها فلما زواها عنهم لكفرهم أغرتهم أيضاً على إغفال ما لهم من حق جميل الصبر على الرزية بها وسولت لهم في الجانب الذي يستعملون فيه نعمتي الركوب والحلب أنه الآثام وهو بالحقيقة الأيمن انتهى‏.‏

- ‏(‏ص عن خالد بن معدان‏)‏ بفتح الميم وسكون المهملة وفتح النون الكلاعي ثقة عابد ناسك مخلص يسبح اللّه كل يوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ ‏(‏مرسلاً‏)‏ أرسل عن ابن عمر وعمرو وثوبان وغيرهم‏.‏

1949 - ‏(‏إن الأرض لتعج إلى تعالى‏)‏ بعين مهملة مكسورة وجيم أي لترفع صوتها بالشكاية إليه بلسان الحال أو القال والقدرة صالحة ‏(‏من الذين يلبسون الصرف رياء‏)‏ أي القوم الذي يلبسونه إيهاماً للناس أنهم من الصوفية الصلحاء الزهاد ليعتقدوا ويفتقدوا ويحترموا ويعظموا ولذلك كره مالك كما قال ابن بطال لبس الصوف لمن وجد غيره لما فيه من الشهوة بالزهد لأن إخفاء العمل أولى قال ولم ينحصر التواضع في لبسه بل في القطن وغيره ما هو بدون ثمنه لكن يأتي في أخبار الترغيب في لبسه أي إذا خلا عن الرياء واقترن به قصد صالح وبه يرتفع التعارض ويحصل الجمع والحديث المشروح فيما اقترن برياء أو جعله مصيدة للحطام أو طريقاً للتوقير والإعظام أو غير ذلك من المقاصد الفاسدة‏.‏ دخل فرقد السنجي على الحسن وعليه كساء صوف وعلى الحسن حلة فجعل يلمسها فقال له الحسن‏:‏ مالك‏؟‏ ثيابي ثياب أهل الجنة وثيابك ثياب أهل النار بلغني أن أكثر أهل النار أصحاب الأكسية ثم قال الحسن‏:‏ جعلوا الزهد في ثيابهم والكبر في صدورهم والذي يحلف به لأحدهم أعظم كبراً من صاحب الطرف بمطروفه‏.‏ ولذلك أشار ذو النون بقوله‏:‏

تصوف فازدهى بالصوف جهلاً * وبعض الناس يلبسه مجانه

يربك مهانة ويريد كبراً * وليس الكبر من شأن المهانة

تصوف كي يقال له أمين * وما معنى تصوفه الأما

ولم يرد الإله به ولكن * أراد به الطريق إلى الخيانة

قال في عين العلم الملخص من الإحياء‏:‏ والرياء طلب المنزلة عند غيره تعالى بالعبادة وفي لباب الأحياء والقول الحق فيه أنه طلب الجاه ويكون الرياء بالقول والعمل والهيئة والملبس كإظهار النحول وإبقاء أثر السجود ولبس الصوف ‏[‏ص 321‏]‏ والوعظ وتطويل الصلاة وتكثير التلامذة وقد أجمع على تحريمه‏.‏

- ‏(‏فر عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الحاكم وعنه ومن طريقه خرجه الديلمي مصرحاً، فعزو المصنف الحديث للفرع واضرابه عن الأصل صفحاً تقصير أو قصور وفي الميزان ما محصوله أنه خبر باطل‏.‏ اهـ‏.‏ ولعله لأن فيه سهل بن عمار قال في الضعفاء رماه الحاكم بالكذب وعباد بن منصور وقد ضعفوه‏.‏

1950 - ‏(‏إن الأرض لتنادي كل يوم‏)‏ من على ظهرها من الآدميين ‏(‏سبعين مرة‏)‏ بلسان الحال ولا مانع من كونه بلسان القال إذ الذي خلق النطق في لسان الإنسان قادر على أن يخلقه في كل جزء من الجماد وقياس نظائره أنه أراد بالسبعين التكثير لا التحديد جرياً على عادتهم في أمثاله ‏(‏يا بني آدم كلوا ما شئتم‏)‏ أن تأكلوا من الأطعمة اللذيذة ‏(‏واشتهيتم‏)‏ أي توسعوا في الاسترسال مع الشهوات والإكباب على اللذات فالعطف من قبيل علفتها تبناً وماءاً بارداً وهذا أمر وارد على منهج التهكم نحو ‏{‏اعملوا ما شئتم‏}‏ ‏(‏فو اللّه‏)‏ إذا صرتم في بطني ‏(‏لآكلن لحومكم وجلودكم‏)‏ أي لآذيبن لحومكم وجلودكم وجميع أجزائكم واقتصر عليهما لأنهما المعظم فهذا متسخط متوعد والأرض لا تنسخط على الأنبياء والأولياء بل تفخر بكونهم على ظهرها فإذا صاروا ببطنها ضمتهم ضمة الولدة الوالهة الواجدة على ولدها، فالنداء لمن أكل منها بشهوة ونهمة لأنها سخرت لنا لنشكر لا لنكفر فالشكور محبوب والكفور ممقوت فإذا غفل عن ذلك فقد أكل منها بغير حق فسلطت عليه لتأكله كما أكل منها بغير حق فمن أكل باللّه وللّه وفي اللّه فالأرض أذل وأقل من أن تجترئ عليه‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن ثوبان‏)‏ مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

1951 - ‏(‏إن الإسلام بدأ‏)‏ ضبطه النووي بالهمز من الابتداء في تاريخ قزوين للرافعي إن قرئ بغير همز فظاهر، يقال بدا الشيء يبدو أي ظهر ‏(‏غريباً‏)‏ أي في قلة من الناس ثم انتشر ‏(‏وسيعود‏)‏ أي وسيلحقه النقص والخلل حتى لا يبقى إلا في قلة ‏(‏كما بدأ غريباً‏)‏ هكذا ثبتت هذه اللفظة في رواية، ثم المراد أنه لما بدأ في أول وهلة نهض بإقامته والذب عنه ناس قليلون من أشياع الرسول ونزاع القبائل فشردوهم عن البلاد ونفورهم عن عقر الديار يصبح أحدهم معتزلاً مهجوراً ويبيت منبوذاً كالغرباء ثم يعود إلى ما كان عليه لا يكاد يوجد من القائمين به إلا الأفراد ويحتمل أن المماثلة بين الحالة الأولى والأخيرة قلة ما كانوا يتدينون به في الأول وقلة من يعملون به في الآخر ثم إنه أكد ذلك بقوله كما بدأ ولم يكتف بقوله وسيعود غريباً لما في الموصول من ملاحظة التهويل وأراد بالإسلام أهله لدلالة ذكر الغرباء بعده، ذكره جمع، وقال الطيبي‏:‏ إما أن يستعار الإسلام للمسلمين فالغربة هي القرينة فيرجع معنى الوحدة والوحشة إلى نفس المسلمين وإما أن يجري الإسلام على الحقيقة فالكلام فيه تشبيه والوحدة والوحشة باعتبار ضعف الإسلام وقلته، فعليه غريباً إما حال أي بدأ الإسلام مشابهاً للغريب أو مفعولاً مطلقاً أي ظهر ظهور الغريب حين بدأ فريداً وحيداً ثم أتم اللّه نوره فأنبت في الآفاق فبلغ مشارق الأرض ومغاربها ثم يعود في آخر الأمر فريداً وحيداً شريداً إلى طيبة ‏(‏فطوبى‏)‏ فعلى من الطيب أي فرحة وقرة عين أو سرور وغبطة أو الجنة أو شجرة في الجنة ‏(‏للغرباء‏)‏ أي المسلمين المتمسكين بحبله المتشبثين بذيله الذين كانوا في أول الإسلام ويكونون في آخره وإنما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفار أولاً وآخراً ولزومهم دين ‏[‏ص 322‏]‏ الإسلام ذكره ابن الأثير وزاد الترمذي بعد الغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس بعدي من سنتي وفي خبر آخر قيل من الغرباء قال النزاع من القبائل أي الذين نزعوا عن أهلهم وعشيرتهم قيل وهم أصحاب الحديث يعني كون الإسلام غريب ليس منقصة عليهم بل سبب لتقريبهم في الآخرة اهـ وهو تخصيص بغير مخصص قال الكلاباذي‏:‏ وإذا صار الأمر إلى هذا كان المؤمن في زمن المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم فإن النازع من القبيلة مهاجر مفارق لأهله ووطنه‏.‏

- ‏(‏م ه عن أبي هريرة‏)‏ لكن لفظة رواية مسلم في كتاب الإيمان من حديث أبي هريرة بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء وفي رواية له من حديث ابن عمر إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في حجرها انتهى بنصه وبتأمله يعرف أن المؤلف تساهل في عزوه لمسلم باللفظ المزبور عن أبي هريرة ‏(‏ت ه عن ابن مسعود‏)‏ عبد اللّه ‏(‏ه عن أنس‏)‏ بن مالك ‏(‏طب‏)‏ عن سلمان الفارسي ‏(‏وسهل بن سعد‏)‏ الساعدي ‏(‏وابن عباس‏)‏ ترجمان القرآن ولم يخرجه البخاري وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري قال حديث حسن‏.‏

1952 - ‏(‏إن الإسلام بدأ جذعاً‏)‏ بجيم وذال معجمة أي شاباً فتياً والفتي من الإبل ما دخل في الخامسة، ومن بقر ومعز في الثانية، وضأن ما تم له عام ‏(‏ثم ثنياً‏)‏ هو من الإبل ما دخل السادسة ومن البقر الثالثة ‏(‏رباعياً‏)‏ بالتخفيف وهو من الإبل ما دخل في السابعة ‏(‏ثم سديساً‏)‏ من الإبل ما دخل في الثامنة ‏(‏ثم بازلاً‏)‏ من الإبل ما دخل في التاسعة وحينئذ تكمن قوته قال عمر وما بعد البزال إلا النقصان أي فالإسلام استكمل قوته وبعد ذلك يأخذ في النقص واعلم أن الأرض كانت قبل بعثة النبي صلى اللّه عليه وسلم مظلمة مطبقة وأنوار الإيمان غائبة عن الأرض موجودة عند الملائكة وأهل الإيمان بالغيب فلما أرسل اللّه رسوله صلى اللّه عليه وسلم طلعت بظهوره شمس الإيمان بمكة فاستنار به من قبل من نوره بالإيمان به فلم يزل الدين يظهر شيئاً فشيئاً لكن بحكم الضعف لأنه طلع في سحاب متراكم بعضه على بعض فلم يزل كذلك مرة يظهر ومرة يخفى حتى هاجر من هاجر من أصحابه وبقي المستضعفون بمكة حتى ظهر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بالمدينة وافتتح الأقطار شيئاً بعد شيء حتى فتح مكة واتصل النور وانفتح حتى توفي وبقي الفتح ظاهراً حتى غمر الأرض بوجود نوره عند خلفائه والقائمين به من بعده فلما ضعف الإيمان الذي هو النور بقبضه عن الخلق لمخالفتهم ظهر سلطان الليل حتى يأتي وعيد اللّه‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ من حديث علقمة بن عبد اللّه المزني ‏(‏عن رجل‏)‏ أي قال حدثني رجل قال كنت في مجلس فيه عمر بالمدينة فقال لرجل من القوم كيف سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينعت الإسلام قال سمعته يقول فذكره قال الهيثمي وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات‏.‏

1953 - ‏(‏إن الإسلام نظيف‏)‏ نقي من الدنس ‏(‏فتنظفوا‏)‏ أي نقوا ظواهركم من دنس نحو مطعم وملبس حرام وملابسة قذر وبواطنكم بإخلاص العقيدة ونفي الشرك ومجانبة الأهواء وقلوبكم من نحو غل وحقد وحسد ‏(‏فإنه لا يدخل الجنة إلا نظيف‏)‏ أي طاهر الظاهر والباطن ومن لم يكن كذلك طهرته النار ثم لا بد من حشر عصاة الموحدين مع الأبرار في دار القرار فالمنفي الدخول الأولى‏.‏

- ‏(‏خط عن عائشة‏)‏ وفيه ضعف‏.‏

1954 - ‏(‏إن الأعمال‏)‏ أي الأعمال القولية والفعلية ‏(‏ترفع‏)‏ إلى اللّه تعالى ‏(‏يوم الاثنين و‏)‏ يوم ‏(‏الخميس‏)‏ أي ترفع في كل اثنين وخميس ‏(‏فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم‏)‏ أخذ منه القسطلاني تبعاً لشيخه البرهان ابن أبي شريف مشروعية عنه الاجتماع للصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في ليلة الجمعة والاثنين كما يفعل في الجامع الأزهر ورفع الصوت بذلك لأن الليلة ملحقة باليوم ولأن اللام في الأعمال للجنس فيشمل الذكر والصلاة والسلام على النبي صلى اللّه عليه وسلم والدعاء ‏[‏ص 323‏]‏ لا سيما في ليلة الاثنين فإنها ليلة مولده صلى اللّه عليه وسلم وقد قال ابن مرزوق‏:‏ إنها أفضل من ليلة القدر انتهى، وأقول لا يخفى ما في الأخذ المذكور من البعد والتعسف‏.‏

- ‏(‏الشيرازي في الألقاب‏)‏ أي في كتاب الألقاب ‏(‏عن أبي هريرة هب عن أسامة بن زيد‏)‏ ورواه أبو داود والنسائي والترمذي بلفظ تعرض الأعمال في يوم الاثنين والخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم‏.‏

1955 - ‏(‏إن الإمام‏)‏ الأعظم ‏(‏العادل‏)‏ بين رعيته وهو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم، والعدل القصد في الأمور ‏(‏إذا‏)‏ مات و ‏(‏وضع في قبره‏)‏ على شقه الأيمن ‏(‏ترك على يمينه‏)‏ أي لم تحوله عنه الملائكة ما دام فيه ‏(‏فإذا كان جائراً نقل من يمينه على يساره‏)‏ أي وأضجع على يساره فإن اليمين يمن وبركة وهو مختار اللّه ومحبوبه فهو للأبرار، والشمال يتشاءم به فهو للفجار والظاهر أن المراد بالإمام العادل ما يشمل الإمام الأعظم ونوابه‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن عمر بن عبد العزيز‏)‏ الأموي الإمام العادل ‏(‏بلاغاً‏)‏ أي أنه قال بلغنا عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك‏.‏

1956 - ‏(‏إن الأمير إذا ابتغى الريبة‏)‏ أي طلب الريبة أي التهمة في الناس بنية فضائحهم أفسدهم وما أمهلهم وجاهرهم بسوء الظن فيها فيؤديهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم ورموا به ففسدوا، ومقصود الحديث حث الإمام على التغافل وعدم تتبع العورات فإن بذلك يقوم النظام ويحصل الانتظام والإنسان قل ما يسلم من عيبه فلو عاملهم بكل ما قالوه أو فعلوه اشتدت عليهم الأوجاع واتسع المجال بل يستر عيوبهم ويتغافل ويصفح ولا يتبع عوراتهم ولا يتجسس عليهم وعن ابن مسعود أنه قيل له هذا فلان تقطر لحيته خمراً فقال إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن ظهر لنا شيء نأخذ به قال النووي حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد على شرط الشيخين‏.‏